آخبار عاجل

صحفي من فرقة قدور .. بقلم: عصمت الموسوي: 

26 - 12 - 2019 12:59 610

في مطلع صدور صحيفة الأيام عام 1989 تقدم للعمل فيها عدد كبير من الشباب والشابات، كنا في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات نفتقد الصحفيين البحرينيين المحترفين الا ما ندر، وقد استقدمت الصحيفة رؤساء الأقسام ومدير التحرير من مصر والأردن، كانت الجريدة تصدر في 24 صفحة، وتحتاج مادة محلية غزيرة يومية، وكنا نسأل المتقدم للوظيفة عدة أسئلة تتعلق بهواياته وميوله والاهم قدرته على الكتابة الصحيحة، وعني شخصي فقد كنت اهتم بسؤال اولي: ماذا تقرأ؟ اذ كنت أرى انه الطريق الاسهل لمعرفة الشخص، ولاحظت ان البنات اللاتي كن يقرأن للشاعر نزار قباني هن اللاتي تركن العمل الصحفي باكرا، على ان هناك من الطرائف التي لا تنسى، ذات مرة سألت أحد المتقدمين للوظيفة
-      ماذا تقرأ؟
-      انا لا اقرأ ابدا
-       حتى الجريدة؟
-      وخصوصا الجريدة، بل إني أكره الجرائد، ولم افتح يوما جريدة في حياتي.    - وكيف ستعمل في مكان وانت تكره المنتج الذي يصنعه؟                         - اتعلم
-      تعليم الحب طريق طويل لكنه ليس مستحيلا...
-      يعني ... لا توجد فرصة؟
-      توجد إذا رغبت واقدمت على التعليم والتدريب في المهنة، ماذا تعمل الان؟
-       اعمل طبالا في فرقة الطرب الشعبي، فرقة " قدور " هل سمعت بها؟ ثم أضاف اريد عملا يدر دخلا ثابتا ومستقرا وغير متقطع، فأنا -اصارحك القول بلا مواهب - سوى العزف على الطبلة "
-      اقرأ الصحيفة أولا ثم تعال الينا ونحن سنتكفل بالباقي "  
وقبل ان يغادر استدار قائلا " سأحاول.
وتقدمت الى الصحيفة شابة مغطاة بالكامل من رأسها الى أخمص قدميها، وجلست تتحدث معي عن رغبتها القوية في امتهان الصحافة، واشترطت عليها ان ترفع البوشية على الأقل كي أرى تعابير وجهها، قالت: ليخرج الشباب من الصالة أولا، وامتثلنا لأمرها وفتحت وجهها، وكانت فتاة متواضعة الجمال، قلت لها
- لماذا تغطين وجهك؟
- لان الجمال يفتن
- وجه كوجه مارلين مونرو هو الذي يفتن
-      انا أجمل منها
واحتجت وقتا طويلا لأقناعها بان الوجه ضروري للتعاطي مع الصحافة والمصادر الخبرية ومقابلة الناس، لكنها أصرت الا شيء يمنع العمل الصحفي بغطاء الوجه ثم اختتمت:
-      الان وفي هذا العمر وفي البيئة التي أعيش فيها فان رفع الحجاب صعب جدا، لكني سأحاول.
هكذا كان شأن الأيام في بداياتها ظلت تستقطب اشكال والوان من المبتدأين والمبتدئات بعضهم اخفق وبعضهم نجح وبعضهم حلق عاليا في سماء الشهرة ، وبعضهم اقدم على المحاولة معتقدا انها مهنة سهلة ومقدور عليها ،لذلك كنا نسميها مهنة من ليس له مهنة ولا شهادة ،اذ يكفي ان يجيد المرء اللغة العربية كتابة وتحدثا حتى يلتحق بها ويتعلم المهنة سريعا ثم تتكفل الممارسة اليومية بصقل تجربته وتدريبه على قواعدها ومحاذيرها ، ولأنها "درب زلق" فان كثيرين لم يعمروا فيها ،وغادروها مع اول تحدي، وفي حين تعامل معها آخرون كساحة للنضال وصنع التغيير وجد فيها البعض طريقا سهلا للصعود الشخصي مع ان مواهبهم لا تختلف كثيرا عن مواهب طبال فرقة قدور ،بيد ان العصر الرقمي كان قاسيا على الصحافة الورقية والتقليدية والتي لم تعد من المهن الواعدة او المستقرة الراتب كما كان يراها ذلك الشاب الفنان ،تبدلت وتحولت وصار بإمكان صحفي واحد او عدة صحفيين ان ينشؤوا صحيفة رقمية كاملة وهم جالسين على مقهى ، دون الحاجة الى مبنى او مطبعة او جهاز اداري .
 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved